vendredi 10 avril 2020

التكنولوجيا و صناعة الترفيه بقلم الطالب و الباحث في الهشاشة والسياسات الاجتماعية محمد الناجح

التكنولوجيا و صناعة الترفيه بقلم الطالب و الباحث في الهشاشة والسياسات الاجتماعية محمد الناجح

التكنولوجيا و صناعة الترفيه



   في أعقاب انفجار الثورة التكنولوجية  منتصف القرن العشرين، برزت مجموعة من الاختراعات المتعاقبة التي تبلورت داخل المختبرات المعلوماتية ليقذف بها إلى الوجود عن طريق الأسواق، فانتقل العالم من انتظار رسالة لأسابيع إلى انتظارها لبضع ثواني، فقد شهد العالم ظهور ما سمي "القرية الكونية" حيث كل شيء بعيد هو قريب للإنسان مسافة بعد ناظره عن كفه، فالحياة الجديدة للمجتمعات انقلبت رأسا على عقب.  و بهذا التحول السريع اصطدمت الشعوب و خاصة القابعة بالدول النامية بواقع جديد يهدد كل ما هو ثقافي ضارب بالجذور في عمق التاريخ بل أبعد من ذلك برزت مخاوف الزحف الثقافي القادم من دول المركز و الذي وجد في وسائل الإعلام سلاحا استراتيجيا لضم كل ذلك الكم الهائل من أنماط الحياة و التواصل الممزوجة بثقافتها. بحيث أصبحت هذه الوسائل و التكنولوجيات القوة المؤثرة في النظام الاجتماعي العالمي بسبب سهولة اختراقها و تغلغلها بالمنظومات الثقافية للدول النامية مالكة بذلك أدرع أخطبوطية إعلامية و ترفيهية و ثقافية.
     في ظل هذا الزحف ألمعلوماتي وجد الأفراد أنفسهم أمام منظومة متكاملة توفر لهم كما هائلا من المعلومات و تسهل ولوجهم لها و كذا تساعدهم على تخطي العديد من المشاكل و الخروج من ضغوط الحياة الواقعية، و ذلك بولوج حياة افتراضية أكثر راحة. فالمرونة التي يتوفر عليها النظام ألمعلوماتي تلغي الفواصل بين الافتراضي و الواقعي لأن الافتراضي في طريقه إلى أن يحل محل الواقعي فقط، بل إنه سيعمل على توسيعه و إغنائه ليصل في النهاية إلى تغييره أيضا.
   لقد أصبحنا نعيش تجارب لم يسبق أن عشناها من قبل، من الممكن أن ننظم لقاءا يجمع بين ألاف الأشخاص دون أن يتحول أحد منا من مكانه، كما سيكون من الممكن في المستقبل قياس الملابس عن بعد في 10ثواني، و ذلك ما يتطلبه المسح الضوئي ب 360 درجة. لقد غير الافتراضي من علاقتنا بالفضاء و التطورات الآتية في هذا المجال تتجاوز الخيال.  فسحب العالم الافتراضي للفرد من ملموسات واقعه إلى عالم موازي يحاكي كل ما هو واقعي لكنه ليس كذلك، هو بمثابة تغيير راديكالي في حياة هذا الفرد.
       كان بروز الهواتف و الحواسيب و الألواح الالكترونية بداية للمد التكنولوجي فتوسيع دائرة الأجهزة المختلفة بمعية طرحها في الأسواق بأثمنة تناسب كل الفئات كان له الأثر الكبير على حياة كل المجتمعات خصوصا الثالثية التي لم تحسن التعامل مع هذه الأجهزة بل ظلت وفية لنمطها الاستهلاكي على حساب البعد الإنتاجي و هنا نقف أمام مفترق طرق، الأول يجرنا إلى اعتبار هذه الثورة مفيدة للبشرية بحيث أصبحت أجهزة الاتصال المتطورة توفر مجالات واسعة لتحسين مداركنا و مواجهة مشاكلنا وربط علاقات جديدة، أما الطريق الثانية فتؤدي بنا إلى الإقتناع بأن سوء استخدام التقنية و وسائل الاتصال سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه من تفكك للروابط و انزواء في زوايا الافتراضي.
و تماشيا مع نتائج هذا الزحف الذي أحدثته الثورة التكنولوجية على جل مناحي الحياة لم يسلم " الوقت الحر " للمجتمعات من دلالات هذا التطور، فقد انتقل الأفراد من الألعاب التقليدية إلى الألعاب الالكترونية كنمط جديد لملئ أوقات الفراغ و الترفيه عن النفس و كذلك للخروج من ضغوط الحياة ، وعليه ففي تقرير لشركة أمريكية تحت عنوان" الألعاب الالكترونية في القرن الواحد و العشرين" فقد أكد هذا التقرير على أن الصناعة الأمريكية تصنع الألعاب الإلكترونية للترفيه، لكن الأرقام التي جاءت في التقرير تؤكد على أن مداخيل هذه الألعاب تعدت سقف البليار فقد وصلت قيمة المبيعات لهذه الألعاب الالكترونية إلى 74.1 مليون دولار سنة 1996 لكن المبيعات سترتفع لتصل إلى 250مليون دولار في سنة 2006، كما يصل عدد المستخدمين في الشركات المختصة في إنتاج العاب الفيديو في 31 ولاية من أصل 423 موقع إلى 253000 عامل سنة 2006. 
    و في ظل هذه الأرقام الفلكية أصبحت الألعاب الافتراضية حاضرة بشكل يومي ضمن نشاطات الأفرد بل شكلت إحدى نقاط قوة التجارة الإلكترونية، و منذ سبعينيات القرن الماضي بدأت هذه الألعاب في طرق أبواب الترفيه لدى المجتمعات الغربية، لكن و في السنوات الأخيرة استشرت الألعاب الإلكترونية في جسد المجتمعات العربية عامة و المجتمع المغربي خاصة، فانتشار صالات الألعاب الالكترونية كان هو البداية الفعلية لانتشار هذه الألعاب، و طوابير الأطفال و المراهقين التي تتواجد على أبواب الصالات انتقلت تدريجيا نحو الانزواء في المقاهي و البيوت مع انتقال خط الإنتاج لدى مبرمجي الألعاب من إصدار العاب يقتصر تشغيلها إلى وجود جهاز لاستقبالها نحو برمجت مجموعة من الألعاب المختلفة التي لا تتطلب سوى الهاتف أو الحاسوب أو الألواح الالكترونية، أمام هذا الانتقال السريع لأنماط اللعب من الواقع إلى الافتراضي ستتولد لنا ظواهر جديدة في المجتمع أهمها الإدمان و الانزواء ...إلخ.
   ومع هذا التغير الحاصل و امتدادا للثورة التكنولوجيا سيبرز هذا النوع من المجالات تحت اسم صناعة الترفيه الالكتروني، فأنماط اللعب ما قبل ظهور الألعاب الالكترونية كانت ذات بعد واقعي يتأسس على مشاركة الأفراد فيها بشكل تنافسي أو تضامني لتحقيق البعد الترفيهي فكان التواصل مابين الأفراد فيها يتم بشكل مباشر على رقعة واقعية، أما الألعاب الالكترونية فقد أحدثت تغييرات جذرية على مستوى خصوصيات اللعب و طرقه حيث انتقلنا من الواقعي إلى الافتراضي و ذلك مع انتشار صالات الألعاب الالكترونية تماشيا و تركيز المبرمجين على بعد الصورة باعتبارها مدخلا للافتراضي عن طريق صناعة الألعاب ذات الخلفية المقاربة للواقع بحيث يمكن للممارس اللعبة  أن يتفاعل مع الغير أو بالأحرى مع أفراد اخرين لا يحملون نفس الخلفيات الثقافية و المعرفية ولا ينتمون لنفس الحدود الجغرافية الأمر الذي يطرح منظومة تواصلية جديدة  وجب تشظيتها و فهمها. و أخذ هذا الانتقال في أنماط اللعب و توسع رقعة وقت الترفيه على محمد الجد لأن الأمور أصبحت تنذر ببروز الجانب المظلم المتمثل في التسلية القاتلة 
   
بعض المصادر المعتمدة
إلزا غودار، أنا أسلفي إذن أنا موجود، تحولات الأنا في العالم الافتراضي. ترجمة: سعيد بنغراد . المركز الثقافي للكتاب. الطبعة 2019
Stephen E. Siwek, Video Games in the 21st Century: Economic Contributions of the US Entertainment, U.S.A,U.S, Software Industry Entertainment Software Association, 2007
التسميات:
واتساب

1 commentaire: