samedi 18 avril 2020

ستفتش عنها يا ولدي  ( 1 ) بقلم الأستاذ عزيز الإدريسي فاعل جمعوي وكاتب خواطر

ستفتش عنها يا ولدي ( 1 ) بقلم الأستاذ عزيز الإدريسي فاعل جمعوي وكاتب خواطر

ستفتش عنها يا ولدي (1)









وأنا جالس أشرب قهوتي، أَهيم بخواطري وعواطفي هنا وهناك، أتفكر الهيام والشوق لفاطمة، وأستمع إلى خلجات قلبي وهي تعصف برياحها الخفيفة على ضفاف العيون، ولست أدري كيف خاطبني الفنجان، وصرت أردد معه:
ستفتش عنها في كل مكان
تسأل عنها موج البحر
وتسأل فيروز الشطآن
وتجوب بحارا
وتفيض دموعك أنهارا
وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجارا
وسترجع يوما مهزوما مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
حبيبة قلبك ليس لها أرض أو وطن أو عنوان
يا ولدي...
أفقت على صوت صديقي، نظرت إليه متسائلا: متى دخلت؟
أجابني وهو يخفي ضحكته: دخلت عندما كنت تسأل عنها موج البحر، لكم الله أيها الحالمون، تتركون ما ينفعكم في دنياكم ودينكم، وتقولون كلاما مستحيل أن يتحقق.
قلت له : إنه الفنجان، ذكرني بقارئته فدندنت معه.
أخذ كرسيا وجلس بجانبي وتنهد تنهيدة ذكرتني بعنترة عندما أراد تقبيل السيوف.
وبدون أن أسأله، قال: ديننا في خطر، عقيدتنا تواجه حربا كبيرة لا نهاية لها، لا بد لنا من الدفاع عنها و الوقوف في وجه ضعاف اليقين والعلمانيين واليساريين والمبتدعة والمقلدة والزنادقة و....
قاطعته: ألا يمكنك يا صديقي أن تتحدث بغير انفعال؟ ماذا عندك؟
أخرج هاتفه وبحث فيه قليلا ثم قال: اسمع، اسمع الرويبضة ماذا يقولون، وقرأ علي مقالا لأحد الشباب كتبه في ”موقع منتدى أولاد ازباير‟ عنوانه ”أول ما خلق الله العقل‟
- استمعت إليه حتى النهاية.. ثم قلت: أين المشكلة؟
- قال: إنه ينعت ديننا بالخرافات والتخلف والجمود وبأنه ضد العقل وضد العلم ويصف عباداتنا بأنها طقوس فقط، وأننا ضروري نتخلص منه، ونتبع العقل لنكون مثل الصين التي تغلبت على كورونا بالعلم، ونكون متطورين كألمانيا..
- فضحكت..
- فنظر إلي نظرة خطيرة، وقال: ما كنت أظن أن غيرتك على دينك باردة كثيرا، ارجع إلى فنجانك، واغرق فيه وابحث عن حبيبتك.
- فقلت ممازحا له: لكن حبيبتي ليس لها عنوان يا ولدي، أما قرأت عن عزيز وفاطمة؟
- ثم هم بالذهاب، وقال : سأرد على ذلك الزنديق!
- فأسرعت لأهدئه وأقنعته بالجلوس، وطلبت منه إعادة قراءة المقال لنناقشه بهدوء ولا يقاطعني حتى أكمل كلامي..
- انتهى من قراءة المقال..
- قلت له، وحاولت أن تكون الابتسامة على وجهي: ألا ترى معي بأن هذا الشاب فيه خير، هو باحث عن الحقيقة، هو لا يريد أن يستسلم للعادات السلبية التي يراها في المجتمع، ولا يريد أن يتبعها، إنه يتساءل وسط أناس يتلقون كل شيء جاهز، ألا ترى معي بأنه شاب متميز عرف قيمة العقل وأراد أن يستعمله، وحز في نفسه أن يرى طاقات عقول أبناء مجتمعه تضيع خلف الخرافات والسخافات.. أليس شاب كهذا ينبغي أن نحترمه؟
- ضرب صديقي يده بقوة على الطاولة، وقال: ولكنه لا يحترم الدين.
- قلت له: لم تفي بوعدك وقاطعتني يا صاحب الدين! فسكت.
- أكملت: يا صاحب الدين، هو لم ينتقص الدين، هو تكلم عن التدين، وتكلم عن الفضائح التي ألحقها بعض المتدينين بالدين.
ألا تتفق معي أن التدين في مجتمعنا فيه ما فيه؟ انظر إلى الذين خالفوا أوامر الدين التي تدعون إلى احترام الحجر الصحي وخرجوا في الشوارع مكبرين ومهللين؟ انظر إلى  الذين يطوفون بالأضرحة هذا للشفاء، وهذه تضع ثوبا على الأشجار للزواج.. هل الدين أمر بذلك؟ كلا قطعا.
إذن لماذا نلوم شاب تكلم عن ذلك؟ هو لم يتكلم عن المسلمين الذين عرفوا حقيقة دينهم، الذين طبقوا تعاليمه التي تلح على طلب العلم ،فلم تمنعهم عقيدتهم من البروز في كثير من العلوم والمعرفة..
انظر إليهم وهم في الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة، انظر إلى مختبرات الغرب التي تمتلئ بالعلماء المسلمين، في إيطاليا وألمانيا وإسبانيا وكندا وأمريكا.
ألم تسمع بالأمريكيين الذين ذهبوا في صف من السيارات لتحية عالم مسلم في بيته؟ لماذا؟ لأنه اخترع جهازا للتنفس يصلح لسبعة مرضى في وقت واحد.. لم يمنعه أنه مسلم من استخدام عقله.
لن أطيل يا صديقي في ذكر الأمثلة والنماذج لأنها كثيرة وهي حقيقة واااضحة لأي شخص لديه عقل يفكر به.
وانظر حولك في بلادنا المغرب، أليس الأطباء والمهندسين والتقنيين وعلماء الرياضيات  والفيزياء والفلك عندنا، أليسوا  هم أيضا مسلمون؟
ذلك الشاب صاحب المقال لا يتحدث عن هؤلاء، إنه يتحدث عن المتخلفين والمتزمتين الذين أوقفو عقولهم عن التفكير وسلموا أمورهم لبعض الشيوخ الجامدين.
وانظر معي إلى أمريكا وترامب الذي يتميزون بالتفكير العقلاني، انظر إليهم وهو عاجزون ب(سبيدرمانهم وباتمانهم وكابتن أمريكانهم) إلى أن استعانوا ببعض العلماء المسلمين، حتى تخلو عن العقل ولجأو للقرصنة والسرقة والتهديد والوعيد إذا لم تحصل على المساعدات، هل هذه نتائج العقل؟
أما الصين فهي لم تجد دواء ولا لقاحا، لكنها تغلبت عليه بالتزام المواطن بضوابط الحجر الصحي وبالنظافة، وعندما رأيت بعض الأطباء وهم يعلمون آداب النظافة، أحسست كأنهم يعلمونهم كيفية الوضوء، واندهشت أكثر عندما أمر بعض الأطباء اليابانيين باستخدام اليد اليسرى بدل اليمنى في فتح الأبواب و الضغط على أزرار الشبابيك والمصاعد، وتفكرت قول أحد الأصدقاء المتهكمين: "الناس وصلوا إلى القمر والمريخ وأنتم مازلتم هل نستخدم اليد اليمنى أو اليسرى"، وقلت: ماذا سيقول الآن للأطباء اليابانيين؟
ثم انظر معي إلى أمريكا العقلانية كيف دعا ترامب إلى تخصيص يوم للدعاء.. كيف يجتمع الفكر العقلاني مع الدعاء؟ والله لا أعلم..
وانظر إلى أوروبا كيف ارتفع فيها الأذان بعد أن كان ممنوعا، كيف يجتمع الأذان مع العقلانية ؟ والله لست أعرف..
فرأيت بعض الارتياح على وجه صديقي، فقلت له: لا تظلم  ذلك الشاب إذا أراد استعمال عقله، أو أراد أن يتساءل حول بعض العادات والسلوكات السلبية..
هو لا يريد غير الحقيقة التي لم يجدها في التدين الأعوج وفي الدجل و في الشعوذة.
ألا تتفق معي بأن الإسلام قد شُوِه بسبب بعض الأغبياء الذين يسيئون إليه من حيث يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟

للكلام بقية..

*المراجع:
- قناة الجزيرة الإخبارية.
- هشتاغ #أنا_وفاطمة.
- كلمات أغنية "قارئة الفنجان" لنزار قباني.
- بعض المدونين على الفايس بوك.
التسميات:
واتساب

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire