lundi 23 mars 2020

قصة بعنوان: صالون السعادة للحلاقة-رجال-

قصة بعنوان: صالون السعادة للحلاقة-رجال-

"صالون السعادة للحلاقة "-رجال- ، هذا هو إسم الصالون الذي دأبت على قص شعر رأسي عند صاحبه سعيد ، ولأنني زبون قديم لسعيد ما عاد يستشيرني في نوع الحلاقة التي تناسبني، و ما أن أستوي على كرسي الحلاقة ويلفني بمنديله حتى ينهال بمقصه على شعري المجعد ، استمتع بطقطقات المقص على رأسي ، سعيد  لا يثرثر كثيرا ولا يضحك كثيرا ،  يظل محتفظا بابتسامته المعهودة  طيلة  وقت العمل ، أمور تمنحه هيبة ووقار خاصين، قد لا تسمع له صوتا وهو يتنقل فوق رأسك بمقصه ، إلا ليرد تحية زبون ، أو عندما يفك المنديل عن رقبتك ويشطب عنقك بحنان راجيا لك الصحة والراحة ، أمس البارحة ظن أني أمازحه حينما قطعت حركة يده وكانت أصابعه تمتد الى اذينات المقص : سعيد أريدك ان تحلق رأسي بالكامل ، ابستم معتبرا كلامي مجرد مزحة ، لكني قطعت تردده : الحق أقول ، أريدك أن تستعمل الموسى من فضلك .بقيت يده مشلولة تماما عن الحركة ،وأنا ألعن في نفسي كل المخرجين والممثلين إنهم مجرد بهلوانات ، لعنت  المخرج أيضا، هذا المجنون  الذي ألح علي بالظهور برأس أصلع في دوري بالمسرحية التي سنعرضها اليوم على خشبة المسرح؛  سعيد وهو يقوم بترطيب شعري لم يقطع بعد شكه باليقين في  طلبي الذي بدا له  غريبا، إلا بعد ان أستشعر اطمئناني للموسى على جلد رأسي ونسمات باردة تغزو مسامه ، يجر موسه من الأعلى للأسفل ، والشعر يتساقط على ركبتاي فوق  المنديل كجثث صراصير ميتة، تراءى لي وجهه منعكسا في المرآة وهو يقاوم   ضحكة صغيرة محاولا إخفاءها  ، وكلما اتسعت الرقعة فوق رأسي اتسعت ضحكته  لتصير صاخبة ومجلجلة ، حتى أنه اضطر أكثر من مرة للتوقف مبعدا موسه عن رأسي  من فعل اهتزازه من الضحك حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه ، بل واستعمل المناديل الورقية البيضاء أكثر من مرة  لتجفيف خديه من الدموع، حاول أكثر من مرة أن يعتذر لكن دون جدوى اذ كانت الكلمات  تغرق بين شفتيه وتبتلعها  ضحكته الصاخبة ، تنفجر تارة ويضغط تارة برأسه على عنقه ليخنقها مخافة أن يثير حنقي ، لاني حقا  أجهل عما يضخك هذا الرجل الوقور .        - هذه قلة أدب   لا تليق  بحلاق مثلي- ، ربما  هذا ما  أسر به لنفسه ؛ الحقيقة أنني سررت لوجه سعيد الطافح بالضحك والسعادة وأشعر أني قد هزمت الوقار المألوف على وجهه ،لكن  كيف أخرج هذا الملعون من هذه اللعبة ، والتي باتت رقعتها  تتسع ،لقد صار كمن تلبسه شيطان الضحك، لم أجد سبيلا من غير أن أنخرط   معه في ضحك هيستيري، يضحك ربما من  رأسي الذي صار مثل بطيخة وأنا أضحك على ضحكه ، ضحكنا معا حتى كاد يغمى علينا نحن الإثنين وصارت عضلات البطن تؤلمنا أنا وهو ، بدأ اهتزازه من الضحك يخف شيئا فشيئا من حولي ،  وأيقنت أن مخزونه من القهقهات قد نفذ عندما تنهد   الله الله ، مسح بيديه الباردتين مثل الصقيع على صلعتي وكانت  تتلألأ في المرآة أمامي ، فك المنديل عن عنقي ثم سألني بجدية مصطنعة تخفي كبحه  لمحاولة انفجار بالضحك مرة أخرى  : خويا مديرهاش مني قلة الصواب ، أعرت كلامه كل الإهتمام لأرفع عنه الحرج صافحته مبتسما  : لما صديقي ؟.. .ودون أن يدعني أتمم كلامي بادر مستفسرا:  بكم ستبيعون تذاكر عرضكم المسرحي الساخر لهاته الليلة . أجبته 40 درهما مساهمة رمزية  ، مرحبا بك  بعد ساعة من الآن سنكون على خشبة المسرح،ولما  هممت بوضع ورقتين نقذيتين من فئة 20 درهما للواحدة في يده   ثمن موسه ،  تراجع مبتسما لن آخد منك فلسا واحدا ؛ لقد كان جلد رأسك شفافا جدا ، حتى أن دماغك كان مضاء بالكامل، وتابعت عرضكم المسرحي الساخر  داخل جمجمتك مشهدا تلو مشهد وفصلا تلو فصل ، ألستم تنون عرض مسرحيتكم الكوميدية " المغني الأصلع" . هنا أيقنت أن الوغد تسلى بالعرض قبل موعده  وبدون جدار رابع ولا خامس وداخل صالون السعادة للحلاقة رجال.
محمد نايت دراع
من مدينة أزيلال
التسميات:
واتساب

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire