samedi 2 mai 2020

المرأة في العقل الإسلامي بقلم العيادي محمد طالب في سلك الماستر تخصص علم اجتماع

المرأة في العقل الإسلامي بقلم العيادي محمد طالب في سلك الماستر تخصص علم اجتماع

المرأة في العقل الإسلامي









نحن لا نمارس النقد من أجل النقد، بل من أجل التحرر، مما هو ميت أو متخشب في كياننا العقلي وإرثنا الثقافي.                             المفكر محمد عبد الجابري


       " الكتابة هي أفضل علاج للجمال ". فاطمة المرنيسي

 إن المفاهيم هي القوالب العقلية لصناعة الفكر وتوجيهه،وما نقصده هنا بالعقل الإسلامي، يعني إظهار العوامل التاريخية والسوسيولوجية والسياسية والاجتماعية، التي أدت إلى اضطهاد المرأة، وتهميشها ووضعها داخل الصندوق، ذلك على اعتبار،أنه إذا أردنا، معرفة واقع المرأة اليوم،لابد من الرجوع الى التاريخ، بإعتباره البوصلة التي تمدنا بحاضر، ليس رجوع نوستانجي، بل رجوع إبستيمولوجي، قائم بالأساس، على مناهج وأسس علمية منطقية، التي تنظر إلى الأمور المسكوت عنها أو اللامفكر فيها من زاوية عين العقل.

في أعتى الديمقرطيات، وأشدها لهجا بالمساواة والكرامة الإنسانية والحريات، لازال يستمر فعل التمييز بين الجنسين، في ترسيخ ما أطلق عليه لوي ألتوسير  "الزمنية المتفاوتة"، تلك الزمنية التي تعكس ملامح العطالة التاريخية، نتيجة عن عجز الأنظمة الإجتماعية، عن الإنخراط في تاريخ الحداثة. وإن اختلفت مظاهر التمييز الجنسوي، من مجتمع إلى آخر، فقد تقاطعت في صبغته العنيفة، وإن كانت متفاوثة في الدرجة والنوع، ولعلى أخطرها ما أطلق عليه بيير بورديوه بالعنف الرمزي، بما هو عنف هادئ لامرئي، حتى بالنسبة لضحاياه، وتتعدد أدواته ودوائره، إذ هو مبتوت في أدق مكونات الثقافة، إذ هو لغوي وتربوي وطقوسي و أخلاقي، وغيرها من أبعاد الأخرى، ويستبد هذا العنف بالعلاقات النوعية والجندرية، كلما إرتفعت درجة هواوية المجتمعات،مثلما هو الحال في المجتمعات العربية الإسلامية، التي تختزل كل نسائها، على اختلافهن في الهوية الجندرية، صارمة المحددات تفرض سلطتها على ذواتهن، فيندمجن وينصهرن ضمن، ما أطلق عليه ميشل فوكو " صفة الرعاية "، يعني أولئك الذين تقع عليهم عملية المراقبة والتبعية من أجل إسطفاف ضمن نمط محدد حتى يبقون في شخصية مرسومة الملامح. ويستفيد هذا العنف الصامت، في المجتمعات العربية الإسلامية، مما تنتجه علاقة السلطة بالمعرفة، من مفاهيم وتصورات ذهنية إستلابية، تأسس للمراتبية الجندرية، وذلك عبر فعل الشطب والحجب لمظاهر حضور النساء الفاعل عبر التاريخ، بل يشك أن يضعها خارج التاريخ، خاصة أن هوياتها تستمد تفاصيلها، من الفضاء المقدس اللازمني، هذه الزمنية المتفاوتة التي تغرق فيها، المجتمعات العربية الإسلامية، وعلاقتها بعنفية المعطى الهووي، التي تشكلها صورة النساء وأحكامهن، هي إحدى العوامل الأساسية التي استدعت عملية شروع في إعادة قراءة تاريخ النساء، منذ بضعت عقود، ولعل أبرز مثال يمكن أن ندربه في هذا الصدد، ما قامت به مجموعة من الباحثات في مجال النسوي،وأخص بذكر فاطمة المرنيسي، و نوال السعداوي، وذلك من أجل تفكيك ذلك رصيد المعرفي المتقادم، والذي تفاعلت مكوناته وترسبت دون أن تخمد فعاليته، في المحافظة على النظام الاجتماعي ذو الصبغة الجنسوي. لكن السؤال الذي يجب أن نفكر فيه هو كالتالي لماذا مثل هذه الطروحات تقمن بها النساء من أجل النساء؟ لماذا لا يقوم بها  رجال من أجل النساء؟
وتجدر بنا الإشارة هنا، على أن الفكر يفرض على اللغة أن تعطيه الألفاظ، حتى تصبح هذه الألفاظ مفاهيم، يعني آلات صالحة لتفكير، وبالتالي وجب علينا أن نغير اللغة لكي نغير الفكر،وذلك بالخروج من السياقات الدوغماتية بتعبير محمد أركون، يعني بالترحم على اللغة التي لا تخرج على الحدود الذي يفرضها العقل اللاهوتي وعلوم الفقه التي لا تخرج عن نطاق الأصول.
وتتميز المجتمعات الإسلامية، بتناقض بين ما يمكن نعته بنظرية " علنية " وأخرى " الضمنية "، أي بنظرية مزدوجة عن ديناميكية الجنسية، وتتمثل الأولى في الاعتقاد السائد في الوقت الحاضر، بأن حياة الرجل الجنسية تتسم بطابع فعال، في حين أن الحياة المرأة الجنسية ذات طابع سلبي، وتتضح النظرية الثانية أي " الضمنية "، المكبوثة في اللوعي الإسلامي، وذلك من خلال مؤلف إمام الغزالي المعنون ب " إحياء علوم الدين "، حيث يرى بأن الحضارة مجهود يهدف إلى احتواء سلطة المرأة الهادمة والكاسحة، ولذلك يجب ضبط النساء لكي لا ينصرف الرجال عن واجباتهم الاجتماعية والدينية، كما أن بقاء المجتمع، رهين بخلق مؤسسات ترسخ الهيمنة الذكورية عن طريق عدة  ميكانيزمات من بينها الفصل بين الجنسين.
المرأة التي تعبر عن نفسها ولا تتكلم هي إمرأة محجبة، كما تأكد على ذلك فاطمة المرنيسي، ليس غطاء الرأس هو الحجاب وإنما الصمت هو الحجاب الحقيقي.
إن تقليد المرأة الذي جسد مبدأ المساواة نفسه، والعنصر المكون لطبقية، وبدء الكائن الذي لا يوجد إلا في علاقات الخضوع بالنسبة لسلطة، قد أجبر المسلم، أن يواجه في بعض عشرات من السنين، ما إحتاجه الغربيون قرونا لهضمه، ديمقراطية و مساواة بين الجنسين، إعادة عرض مسألة اللامساواة الاجتماعية السياسية والجنسية في الوقت نفسه، أمر يفقد المرء عقله.
" كل كائنات البشرية تولد حرة ومتساوية في كرامة الإنسانية والحقوق"(المادة (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان). عندما نتأمل هذه العبارة هل نجدها سارية في المجتمعات، شخصيا لا أعتقد ذلك،مازلت في سلة مهمالات، حيث انعدام مساواة بين الجنسين كانت قد أنتجت، وضمنت وأعدت اللامساواة السياسية وأكد عليها كأساس للكائن الثقافي وكهوية.
وفي ختام يمكن القول، أنه لا عدو للحرية إلا العادات السائدة والبالية، فالتشبت بالعادات قد فاق التشبت بالدين، والخوف من المخلوق تجاوز الخوف من الخالق،لكن يبقى السؤال الجوهري هل نستطيع يوما ما تحقيق المساواة بين الجنسيين؟هل نستطيع أن نتغلب على شبح العادات و الايديولوجيات المنادية بعكس ذلك؟ أم أنه هناك أشواط كبير لابد من قطعها للوصول إلى هذا الحلم.

المراجع المعتمدة:
المفكر التونسية ناجية الوريمي بوعجيلة، " المرأة في الإسلام المبكر ".
المفكرة المغربية فاطمة المرنيسي، " الحريم السياسي النبي والنساء".
فاطمة المرنيسي، " ما وراء الحجاب الجنس كهندسة اجتماعية "
زينب معادي، " المرأة بين الثقافي والمقدس".
التسميات:
واتساب

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire